يرى الكاتب شون ماثيوز في مقالٍ نُشر على موقع ميدل إيست آي أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأحد أقرب مستشاريه، عاد إلى الواجهة الدبلوماسية في الشرق الأوسط عبر مشاركته في محادثات وقف إطلاق النار بشأن غزة، إلى جانب دبلوماسيين من قطر ومصر ومسؤول استخباراتي تركي، في منتجع شرم الشيخ المصري.
أوضح الموقع أن كوشنر، رغم عدم تولّيه أي منصب رسمي في إدارة ترامب الحالية، يؤدي دورًا محوريًا يُقرأ كإشارة على جدية ترامب في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على غزة. وتوقّع التقرير وصول كوشنر ومبعوث ترامب الثري ستيف ويتكوف إلى مصر، في وقتٍ نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ترامب أنه وجّه تعليمات لرجليه بعدم مغادرة مصر قبل التوصل إلى اتفاق.
وصف روب جاست بينفولد، الخبير في الأمن الدولي بكلية كينغز في لندن، الخطوة بأنها "مؤشر إيجابي يجعل وقف إطلاق النار أكثر قابلية للتحقق"، مشيرًا إلى أن وجود كوشنر وويتكوف، وهما من الدائرة المقربة من ترامب، يعني أن الأخير جادّ في إنهاء الحرب.
عودة كوشنر إلى دبلوماسية الشرق الأوسط تعيد إلى الأذهان دوره خلال إدارة ترامب الأولى، حين شغل منصب المستشار الرئيسي لشؤون المنطقة وصاغ ما عُرف بـ"صفقة القرن" التي فشلت في إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وبعد خروجه من البيت الأبيض، أسس صندوق الاستثمار الخاص Affinity Partners المموّل بأموال خليجية، حيث حصل على دعم قدره مليارا دولار من صندوق الثروة السيادي السعودي، إضافة إلى 1.5 مليار دولار من الإمارات وقطر.
استغل كوشنر، وفق التقرير، علاقاته الوثيقة مع قادة الخليج لبناء شبكته الاستثمارية. فقد ربطته علاقة شخصية قوية بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وصلت إلى حد ممارسة ألعاب الفيديو معًا والتواصل المباشر عبر "واتساب". كما اكتسب دعم يوسف العتيبة، السفير الإماراتي النافذ في واشنطن، الذي قدّمه لدوائر صنع القرار الأمريكية.
ورغم خروجه من البيت الأبيض عقب فوز جو بايدن، حافظ كوشنر على علاقاته الوثيقة بالخليج، إذ استُضيف في مقصورة كبار الشخصيات خلال افتتاح كأس العالم في قطر عام 2022.
تعود جذور كوشنر إلى عائلة يهودية أرثوذكسية تعمل في العقارات في نيوجيرسي، معروفة بحدّتها في المنافسة. أما والده، تشارلز كوشنر، فقد سُجن لسنوات بتهم التهرب الضريبي وابتزاز الشهود قبل أن يعفو عنه ترامب لاحقًا. وتجمع العائلة علاقة متينة ببنيامين نتنياهو، إلى درجة أن الأخير نام في غرفة جاريد كوشنر خلال زيارة قديمة للولايات المتحدة.
لكن عودة كوشنر إلى محادثات غزة تثير قلقًا في الأوساط الفلسطينية. فقد اتّخذ مواقف متشددة ضد السلطة الفلسطينية خلال إدارة ترامب الأولى، واتُّهم بالسعي لإفشال التعاون الأمريكي معها. ورأى كثيرون بصمته واضحة في خطة "صفقة القرن" التي منحت إسرائيل حق ضم 30% من الضفة الغربية واقترحت إقامة "دولة فلسطينية" منزوعة السيادة مقابل حزمة اقتصادية قيمتها 50 مليار دولار.
كما أثار كوشنر الجدل بتصريحاته في فبراير 2024، حين قال في محاضرة بجامعة هارفارد إن "عقارات غزة الساحلية قد تكون ذات قيمة عالية"، واقترح إخلاء الفلسطينيين منها وتحويلها إلى منطقة سياحية. تلك الرؤية، وفق المقال، انعكست لاحقًا في خطة ترامب لـ"ريفييرا الشرق الأوسط"، التي ربطها محللون بتأثير كوشنر المباشر.
ورغم ذلك، يشير التقرير إلى أن الخطة الجديدة لترامب في 2025 تُظهر تغيرًا لافتًا، إذ تستبعد ضم إسرائيل للضفة الغربية أو تهجير الفلسطينيين من غزة، وهي تنازلات يُعتقد أن ترامب قدمها لاستمالة الدول الخليجية الغنية بالنفط وضمان مشاركتها في جهود إعادة الإعمار.
حضر كوشنر اجتماعات مهمة في البيت الأبيض أثناء إعداد الخطة الجديدة، وظهر لاحقًا وهو يغادر فندق نتنياهو في نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. ورغم اعتراض بعض الدول العربية والإسلامية على بنود الخطة العشرين التي منحت إسرائيل امتيازات واسعة، ترى أطرافٌ عدة أن المفاوضات في شرم الشيخ يمكن أن تحدد تفاصيل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة.
يخلص المقال إلى أن كوشنر، رغم عدم امتلاكه منصبًا رسميًا، لم يبتعد يومًا عن ظلّ ترامب. ويؤكد روب بينفولد أن الخطة الأمريكية الجديدة تحمل "بصمات خليجية واضحة"، وأن مشاركة كوشنر في المحادثات تمثل دليلًا على دعم مجلس التعاون الخليجي لخطة ترامب، مضيفًا أن "وجود كوشنر يمنح الثقة للدول الخليجية ويعزز صورتها كصاحبة تأثير مباشر في دوائر صنع القرار الأمريكي".